لايختلف اثنين بأن للحليب دور رئيسي في تزويد جسمالكائن الحي بالطاقةاللازمة لأداء كافة الفعاليات الحيوية له , لما يحويهعلى كافةالعناصر الضرورية للجسم مثل البروتينات , الكاربوهيدرات , الدهون , المعادن , الأملاح , والماء . لذا فهو غذاء متكامل ومهم لكافة أجهزة وأنسجة الجسم المختلفة , فهورفيق وصديق لكل أسرة سواء للصغارأوالكبار . يسألني الكثير من الناس , أي نوع من الحليب تفضله أنتلعائلتك ؟ولغرض الإجابة على هذا السؤال , نقول بأن القيمة الغذائيةوالصحية للحليبتعتمد على خلوه من الإضافات الصناعية والميكروباتوالهرمونات والموادالكيماوية . لذا في مقالتنا هذه سوف نستعرضالناحية الغذائية والصحية للحليبوتأثير ذلك على صحة الإنسان .
الحليب الطبيعي ( الطازج ) والحليب البديل ( الصناعي )
يتشابه الحليب الطبيعي مع الحليب الصناعي في اللونوالطعم والرائحة , ولكنه يختلف عنه م
نناحية التركيب والقيمة الغذائية . يعتبر البروتين من أكثر مكوناتالحليب الطبيعي , وبسبب تكلفته العالية فكرالباحثون الصناعيينباستبدال بروتين الحليب الطبيعي بأنوا
عأو مصادر أخرى منالبر وتينات الأقل تكلفة سواء من مصدر حيواني أونباتي . وبشكل عام يعتبرالبروتين الصناعي أقل قيمة غذائية مقارنةبالبروتين الطبيعي , وذلكلاحتوائها على أقل عدد من الأحماض الأمينيةالأساسية الضرورية لبناء الجسم , كما أنه يتميز البروتين الطبيعيبأنه أسهل هضما مقارنة بالبروتين الصناعي . وقد يؤدي البروتينالصناعي إلى حدوث اضطرابات في الجهاز الهضمي خصوصا فيالأطفال , نتيجة عدم قابلية هذا البروتين الصناعي على التخثر داخل المعدة , الآمر الذي يؤدي إلى سرعة مروره داخل القناة الهضمية مما ينتج عنه قلة فيكفاءة الهضم . تستخدم الدهون الحيوانية أو الزيوت النباتية والحيوانيةفيالحليب الصناعي كبدائل عن دهن الحليب الطبيعي , والذي يعتبر منالناحيةالاقتصادية أكثر تكلفة من الزيوت والدهون الأخرى . ومنالناحية العلمية فانمعاملات هضم دهن الحليب الطبيعي ( 98% ) هي أكثرمن معاملات هضم الدهونالحيوانية ( 70% ) والزيوت النباتية ( 60-65% ) , وبتالي فأن الفائدةالغذائية لدهن الحليب الطبيعي هي أكثر مندهون الحليب الصناعي . أما الموادالكاربوهيدراتية المستخدمة فيالحليب الصناعي والمستخلصة من مخلفات مصانعالجبن أو النشا أو السكرفهي أقل كفاءة غذائية مقارنة بكاربوهيدرات الحليبالطبيعي , بسببانخفاض معاملات الهضم فيها , هذا بالإضافة إلى تخمرها فيالأمعاءالغليظة مسببتا اضطرابات هضمية .
وجود هرمون الحليب البقري في الحليب
بدأتفكرة استعمال هذا الهرمون في الأبقار والمستخلص منالغدة النخاميةمنذ بداية 1920 , لغرض زيادة إنتاج الحليب في الأبقار , بنسبة قد تصل 40% . وبسبب صعوبة الحصول على كميات كبيرة منه لغرض الإنتاجولتكلفته العالية الثمن , وفي سنة 199
3 تمكنت الوسائل الحديثة للتكنولوجيامن إنتاج هرمون بقري موحد مشابهللهرمون الطبيعي وذلك باستخدام الهندسةالوراثية وبكميات كبيرة وبأقلالتكاليف , وقد استخدم في سنة 1994 على نطاقواسع في أمريكا حيثظهرت قا
بليةهذا الهرمون على زيادة إنتاج الحليب بنسبةتتراوح بين 15-25% فيالأبقار . لقد أثير الجدل حول هذا الهرمون في أورباوكندا , وذلكبسبب تأثيره على صحة الحيوان والإنسان معا , مما حذا هذهالبلدان إلىمنع استخدامه في حقول تربية الأبقار .
تأثير الهرمون على صحة الحيوان
- لقد لوحظ من خلال استخدامهذا الهرمون على فترات طويلة يؤدي إلى حصول حالات التهاب الضرع بنسبة 25 % , وحالات عرج بسبة 50% وفشلفي الخصوبة بنسبة 18% في حقول تربية الأبقار .
- للهرمون تأثير على نشاطبعض الفيروسات الموجودة لدى الأبقار وبالأخص من نوعالريتروفيروس .
- للهرمون تأثير على تقصيرفترة حضانة مرض جنون البقر .
تأثير الهرمون على صحة الإنسان
- بينتالتجارب الحديثة بأناستعمال هذا الهرمون في الأبقار يؤدي إلىزيادة عدد الخلايا الصديديةوارتفاع نسبة البكتريا في الحليب , مما يؤثر على صحة الإنسان بشكلمباشر عند تناوله للحليب . لقدأشارت العديد من الدراسات في أورباوكندا إلى العلاقة بين هذاالهرمون وسرطان القولونوالبروستات والثديعند الإنسان , وقد ذكرت بأن هذا الهرمون عندحقنه في الأبقار يؤدي إلىزيادة معدلات عامل نمو مثيلالأنسولين ( IGF-1 ) في الحليب وإمكانية تأثيرها على زيادة الانقسام الخلوي ونمو الأورامالسرطانية لدى الإنسان عند تناوله للحليب . لقد تبين أيضا بأنتعرضالأطفال حديثي الولادة لحليب الأبقار يزيد من خطر مرضالسكري المعتمدعلى الأنسولين بمعدل 1-5 أضعاف .
المضادات الحيوية في الحليب
أنوجود المضادات الحيوية فيالحليب بسبب استعمالها في المعالجة أوالوقاية من التهاب الضرع تؤدي إلىإعاقة عمليات التصنيع والاستهلاكوتجعل الحليب ومشتقاته غير صالحة للاستهلاكالبشري . لقد أشارتالبحوث والتجارب إلى أن تناول الإنسان للحليب المحتويعلى المضاداتالحيوية خصوصا عند الأطفال يؤدي إلى حدوث تفاعلات حساسية خصوصاتجاهعقار البنسلين . هذا بالإضافة إلى اكتساب البكتريا إلى مقاومة تجاهالمضادات الحيوية , مما يجعل علاجها عند الإنسان مستحيلا .
التلوث الميكروبي للحليب
يتعرضالحليب منذ بداية رحلته من ضرع الحيوان حتى يصلإلى المستهلك للتلوثمن عدة مصادر بيئية مختلفة أهمها الضرع , السطح الخارجيللحيوان , الحلابين والعاملون في مزارع الألبان , الهواء الخارجي , أوعيةوأدوات الحليب والمياه . ومن أهم البكتريا الخطرة على صحة الإنسان هيبكترياالمكورات
العنقوديةالذهبية , بكتريا السالمونيللا , بكتريا الكلوستريديوم , بكترياالسل , بكتريا العصيات القولونية , المكورات المسبحية القيحية , بكتريا البروسيلا وبكتريا الليستريا . وجميع هذه الميكروبات تسبب أمراضخطرةللإنسان عند تناول للحليب الغير مبستر بشكل جيد .
وجود الديوكسين في الحليب
الديوكسينهومجموعة كبيرة من المتناظرات الكيماوية تتكون من حلقتي بنزينترتبطانبذرتي أوكسجين, ومن صفاته عديم الرائحة , يذوب في الدهونخصوصا دهن الحليب , لا يذوب في الماء , كما أنه يصعب طرحه من الجسم . يتعرض الإنسان للتسممبالديوكسين نتيجة تناوله المنتجات الحيوانيةالدهنية مثل اللحوم والحليبومشتقاته والبيض . يسبب التسمم بالديوكسنعند الإنسان إلى حدوث سرطاناتمختلفة مثل اليوكيميا وسرطان الثدي , كما أن له القدرة على أحداث تشوهاتخلقية في المراحل الأولى من تكوينالأجنة . كما يسبب أيضا ضعف في قدراتالتعلم عند الأطفال وإلى ضعفالذاكرة وبعض التغيرات السلوكية لدى الكبار . ويسبب كذلك اعتلالا فيعمل الكبد والنزف والقرحة في الجهاز الهضمي , هذابالإضافة إلى إحداثتهبيط مناعي في جسم الإنسان .
الحليب الطبيعي
يطلق مصطلح الحليب الطبيعي على الحليب الذي يتكون داخلالضرع بعمليتين إحداهما تكمل الأخ
رى , الأولى تخليق بعض مكونات الحليببواسطة الخلايا المفرزة للحليب داخل الضرع والثانية من خلال ترشيح المكونات الأخرى من الدم , وقد بين اللهتعالى ذلك في كتابه العزيز : بسم الله الرحمن الرحيم : " و
إن لكم من الأنعام لعبرة نسقيكم مما بطونهامن بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين " صدق الله العظيم ( آية 66 سورة النحل ) . لذا فأن جميع مكوناتالحليب منالبر وتينات والكاربوهيدرات والدهون والأملاح والفيتاميناتوالماء , تنتج عنطريق تنسيق معقد بين العمليات الحيوية الخلويةداخل خلايا الضرع المفرزةللحليب وكذلك من ترشيح بعض مكونات الحليبخلال الدم الوارد للضرع . وبتاليفأن الحليب المنتج هو لبنا خالصاطبيعي خالي من آية مكونات كيماوية ضارة مثلالديوكسين أو هرمونات مثل هرمونالحليب أو جراثيم مثل البكترياالممرضة أو مضادات حيوية مثل البنسلين . تتميز جميع مكونات الحليبالطبيعيبأنها ذات قيمة غذائية عالية للإنسان لاحتوائها على كافةالعناصر الضروريةللطاقة , وكذلك تتميز بارتفاع معدلات الهضم لهاداخل الجسم أبتدأ من الفموانتهاء بالأمعاء الغليضة , الآمر الذييجعل حدوث اضطرابات هضمية أو آرجيةداخل الجسم محدود جدا خصوصا عندالأطفال . والجدول أدناه يبين مكونات الحليبللبائن المختلفة .
الحليب الصناعي
يقصد بالحليب الصناعي ( الحليب البديل ) هو الحليبالمصنع داخل المصانع من مكونا
تبديلة عن الحليب الطبيعي , وقد يكون أما سائلأو على هيئه مسحوق , تختلف فيه نسب مكوناته من البر وتينات والكاربوهيدراتوالدهونوالمعادن والفيتامينات طبقا للغرض المنتح له . فهو أرخص ثمنا ولهقيمة غذائية أقل مقارنة بالحليب الطبيعي . فبروتين الحليب الصناعي , تعتمدقيمته الغذائية على نوعيته وطريقة تصنيعه وقدرته على التخثر . تستخدمالكثيرمن الشركات المصنعة للحليب الصناعي على بروتين الحليب الفرزوهوعبارة عن الشرش الناتجمن نزع الدهن من الحليب , أو قد تستخدم فولالصويا كمصدر نباتي للبروتين أومن بروتينات الخمائر . وسواء كانالمصدر حيواني أو نباتي المنشأ , فأنبروتين الحليب الصناعي ذو قيمةغذائية منخفضة وذلك لتعرضه إلى تغيير فيطبيعته بسبب تعرضه للحرارةالعالية أثناء الفرز أو التصنيع , مما يجعل قيمتهالغذائية قليلة , كما أنه فقير في الأحماض الأمينية الأساسية المحتوية علىالكبريتوالضرورية للنمو الكائن الحي خصوصا البروتين النباتي , هذا بالإضافةإلى ارتباط هذا البروتين بروابط كيماوية مع سكر اللاكتوز بسبب الحرارةالعالية مما يجعل فصلهما داخل الجهاز ال
هضميصعبا , الآمر الذي يؤدي إلىوصول هذا المركب إلى الأمعاء الغليضهبدون هضم مما ينتج عنه تخمر المنتجداخل الأمعاء وحصول اضطراباتهضمية مثل وجود الغازات أو الإسهال . عوضا علىذلك فأن عملية التخثرالناتجة منه تكون قليلة داخل المعدة وبتالي فأن مرورالغذاء منالمعدة إلى الأمعاء تكون أسرع مما يجعل عملية الاستفادة منهمنخفضة . كما تستخدم الدهون الحيوانية أو الزيوت النباتية في الحليب الصناعيكبديل عن دهن الحليب الطبيعي , والذي يعتبر من الناحية الاقتصادية أكثرتكلفة من الزيوت والدهون الأخرى . وقد دلت الأبحاث على أن إستبدال دهناللبنبالزيوت النباتية أو الحيوانية يؤدي إلى تأخر في النمو وذلكلإنخفاض معاملاتهضمها وذلك لكون هذه الدهون لاتهضم بشكل جيد في الفموالأمعاء الدقيقةمسببتا في النهاية اضطرابات معوية , في حين أن دهنالحليب الطبيعي يهضم بشكلجيد في الفم والأمعاء الدقيقة مما يجعلالاستفادة منه جيدة . كما أن دهونالحليب الصناعي تحتوي على نسبةعالية من الأحماض الدهنية غير المشبعة وهذهغالبا ما تكون عرضةللتأكسد أو التزنخ مما تكون قيمتها الغذائية ضعيفة . أماالموادالكاربوهيدراتية المستخدمة في تصنيع الحليب الصناعي والمستخلصة منمخلفات مصانع الجبن أو النشأ أو السكر فهي أيضا أقل كفاءة من مثيلاتها فيالحليب الطبيعي , حيث أن معاملات هضمها ضعيف مما تكون ذات فائدةغذائية قليلةللإنسان هذا بالإضافة إلى تخمرها داخل الأمعاء الغليضةمسببتا الإسهال . وقدلوحظ أيضا أن استخدام سكر الاكتوز بنسبة عاليةقد تسبب حالة وذلك نتيجة عدمتناسب أنزيم سكر الاكتوز مع كميةالاكتوز المستهلكة , مسببتا غازات معويةوإسهال وآلم في البطن .
|